السبت، 24 ديسمبر 2016

نقد رسالة برترند راسل

اللورد برتراند راسل ( 1872 – 1970 ) عالم رياضيات , ومنطقي إنجليزي . وأحد المناضلين الإنسانيين في الغرب . رفض التجنيد في الحرب العالمية الأولى وحرض المواطنين الإنجليز على العصيان وقد دخل السجن نتيجة لذلك . وألّف برتراند راسل قرابة السبعين كتاباً في الفلسفة والرياضيات والسياسة والأخلاق والاجتماعيات , واعتبرت كتبه العلمية ثورة في المنهج التحليلي والمنطقي . وقد حاز راسل على جائزة نوبل في الأدب عام 1950 .
قام راسل بإلقاء محاضرة بعنوان لماذا لست مسيحيا تعرض فيها لبيان سبب الحاده
نافيا وجود الله سبحانه كما تعرض لنقد المسيحية المحرفة الموجودة حاليا ، ورسالتنا الموجزة هذه ترد عليه فيما يتعلق بنفيه وجود الله سبحانه وبنفس اسلوبه اسلوب الاعتماد على المنطق العقلى لذا لم نعرج على الأدلة العلمية إلا فيما ندر: لقد قام راسل بإلقاء المحاضرة في السابع من مارس للعام 1927 وذلك إبان حضوره لأحد مؤتمرات المنظمة العلمانية البريطانية National Secular Society في لندن . وتمت طباعتها في منشور بنفس السنة

................................
الجدال حول المسبب الأول
يقول برتراند راسل
"ولقد قبلت لوقت طويل بفرضية المسبب الأول , حتى جاء اليوم الذي تخليت عن هذه الفرضية , وذلك بعد قراءتي لسيرة حياة جون ستيوارت ميل , حيث قال فيها : " لقد علمني والدي إجابة السؤال عمّن خلقني . وبعدها مباشرة طرحت سؤالاً أبعد من هذا , من خلق الإله ؟ " . إن هذه الجملة القصيرة , علمتني , إلى الآن , كيف أن مبدأ المسبب الأول هو مبدأ مغالط ومسفسط . فإذا كان لكل شيء مسبب , فيجب أن يكون لله مسبب أيضاً . وإذا كان كل شيء بلا مسبب , فسيكون العالم هو الله ! لهذا وجدت أنه لا مصداقية في هذه الفرضية" 
.................................
فى هذا الإعتراض مغالطة كبيرة لا يلتفت اليها برتراند ، فكأنه يفترض ان الإله مثله ومثل الكون (مادة )مما يمكن سحب القياس عليها ، وفى تصورنا نحن المسلمين فإن الله ليس مشابها للبشر وليس مماثلا للمخلوق فى شئ من ذاته أوفى شئ من صفاته
ولهذا لايمكن الاعتراض عليه بمثل هذا السؤال ( من خلق الله ) إن المادة يمكن ان نستخدم معها هذا السؤال لأنها معروفة لنا بصفاتها وتركيبها وايضا وهو الأهم هو اننا لا نعتقد فيها أنها ( إله) لأننا نرى انها قاصرة وعاجزة ومحكومة بسلسلة من القوانين وهى قابلة للإيجاد وللفناء ولأنها اصبحت تنحل من جسيمات الى اشعاعات
وقد كانت المادة تفسر حتى القرن التاسع عشر بأنها مكونة من جواهر فردة أو ذرات
لا تنقسم وبذا تكون محسوسة فأصبحت تفسر على انها موجات غير مادية ولا تمثل إلا احتمالات كل هذا هو نتاج النظرية (الكمية ) التى وضعها ماكس بلانك 1901 ثم جاء اينشتاين 1905ووضع النظرية موضع التنفيذ العملى على خريطة علم الفيزياء وبهذا يتضح ان مسألة أزلية المادة ماهى إلا عقيدة جامدة حاول الماديون ، التمسك بها دون أدلة حاسمة ، لذا فهى مسببه ومخلوقة فهل يمكن مساواة الخالق بالمخلوق ، وبغض النظر فإننا ندرك أن الله ليس ماديا وليس مشابها لتصورنا فى المادة ، حتى نقول عنه ( فمن خلقه ) المفترض انه لايخضع لتصوراتنا لأنه ليس شبيها ، بشئ نعرفه حتى نقيسه على هذا الذى نعرفه ، فإذا كان فوق تصوراتنا ومعارفنا ، وبل وفوق قدرتنا اذا تضخمت ملايين المرات ، فإن هذا السؤال يعد مستحيلا فى حقه ، بل وغير منطقى ، لذلك نقول ان جميع المخلوقات يصح فى حقها هذا السؤال لأننا نمتلك الأدلة على انها مسببه وتتحرك وفق قوانين نكاد نعرفها جميعا ويمكن اخضاعها للتجربة والقياس والحسابات الرياضية لكن الله ليس خاضعا لكل هذا لأنه فوق علمنا وتصوراتنا وما يمكن أن نقترحه على مانعرفه لايمكن اقتراحه على ماهو فوق معارفنا وتصوراتنا بل الشئ الوحيد الذى نتأكد منه أنه ليس مشابها لكل مانعرف ومانتوقع معرفته ولا يمكن ان تسرى عليه تخيلاتنا
......................
ثانيا
وفق أى قانون يمكن أن نسأل هذا السؤال وهل يمكن للعقل البشرى أن يجعل الله ، مادة لمعرفته فى ذاته معنى ذلك أن هذا العقل البشرى بلغ من القدرة أن يكون ، الها ، ولكن الثابت ان هذا العقل بكل وسائله وبكل معارفة الحديثة لايزال عاجزا عن تفسير أشيئا كثيرة فى عالم الماديات ، ورغم كل معارفه فلا يزال الكون مجهولا بالنسبة له وهو مازال يطور ويصحح فى معلوماته كل يوم ومع كل كشف جديد ، فإذا كان العقل ومقاييسه ومعارفه لايمكنه ادراك اغلبية الحقائق المخلوقة ، فكيف فى وثبة من الغرور يريد أن يخضع خالقه وخالق معارفه ومقاييسه لأدواته البدائية ، ان المنطق لا يقبل ان يكون الطفل الذى يحبوا ويستطلع الأشياء من حوله قادرا على فهم ما يفهمه الشيخ المجرب العالم وكل هذا انما يدور فى دائرة المخلوق والمخلوق ، فكيف يقبل المنطق ان يضع الانسان بكل قصوره وعجزه الهه تحت رحمة هذا القصور وذاك العجز والجهل ، ثم يتصور انه يصنع شيئا ذا قيمة فهذا المنطق يعمل فى غير مجاله وذاك القياس يخرج عن حدود ما يعلم الى مايجهل فهو يخرج بذلك عن الحدود الموضوعة لعمله ويبتغى العمل فى مجال تتعطل فيه كل قوانينه وإننا ندرك ان القرد يمكن ان يتعلم بعض الحركات وان يفكر باستخدام الوسائل التى جربها قبل ذلك ونجحت معه ، لكن هذه القدرة البدائية لايمكن ان تنتج لنا نظرية انشتاين أو اشعار المتنبى ، لأنها ليست مؤهلة إلا لتقشير الموز أو محاولة فتح باب القفص ، أو استخدام أدة لجلب الطعام البعيد عنها ، ، إننا نرفع القرد فوق قدره عندما نتخيله قادرا على صنع قصيدة غزلية ونزرى بعقولنا وعقول من يستمعون الينا ونضللهم بكل جهل لأنهم يثقون فينا
............................
الجدال حول القانون الطبيعى
يقول برتراند راسل
ً (, وحال القوانين التي نصل إليها , تكون ليست بأكثر من كشف لبعض الفرص النظرية . وهناك , كما تعرفون , قانوناً ينص على أنكم لو رميتم نردين فستحصلون على الرقم ستة مرتين بمعدل مرة واحدة في كل ستة وثلاثين رمية , ونحن لا نستطيع اعتبار هذا دليلاً عن أن رمي النرد هو شيء تم التحكم به من قبل الرامي . وعلى النقيض , إذا كانت رقمي ستة يأتيان في كل مرة نرمي بها النردين , فسنقول حينها أنه بالفعل كان هناك ثمة تصميم من قبل الرامي عن عمد . إن قوانين الطبيعة هي على هذا النحو في معظمها . إنها معدلات إحصائية تنبثق عنها قوانين الصدفة , وهذا مايجعل من مسألة القانون الطبيعي أقل إدهاشاً لنا مما كنا نتخيله عنها في السابق ).
تتلخص شبهة برتراند راسل أن الصدفة وحدها هى التى جلبت لنا هذه القوانين وليس ثمة تنظيم الهى فى الأمر أو خلق الهى إنما كلها احتمالات وصدف نتج عنها الكون بما فيه وهذا حقا أمر عجيب كيف يمكن أن تتسلسل الصدف والاحتمالات الى مالانهاية له أن هذه الصدف لايمكن تفسير الكون عن طريقها ، ولنفرض انها نجحت فى ذلك وهو شئ مستحيل كيف يقبل العقل أن الصدفة وحدها ماتزال منذ ملايين ملايين السنين تعمل بكل هذه الروعة والدقة يقول الاستاذ وحيد الدين خان فى كتابه الرائع الاسلام يتحدى
(ولنتأمل الآن في أمر هذا الكون فلو كان كل هذا بالصدفة والاتفاق ، فكم من الزمان استغرق تكوينه بناء على قانون الصدفة الرياضي؟
إن الأجسام الحية تتركب من (خلايا حية) وهذه (الخلية) مركب صغير جدا ومعقد غاية التعقيد ، وهى تدرس تحت علم خاص يسمى (علم الخلايا)Cytology. ومن الأجزاء التي تحتوى عليها هذه الخلايا: البروتين وهو مركب كيماوي من خمسة عناصر هي الكربون والهيدروجين والنتروجين والأوكسجين والكبريت. . ويشمل الجزيء البروتيني الواحد أربعين ألفا من ذرات هذه العناصر! !
وفي الكون أكثر من مائة عنصر كيماوي كلها منتشرة في أرجائه ، فأية نسبة في تركيب هذه العناصر يمكن أن تكون في صالح قانون (الصدفة)؟ أيمكن أن تتركب خمسة عناصر-من هذا العدد الكبير-لإيجاد (الجزيء البروتيني) بصدفة واتفاق محض؟ !إننا نستطيع أن نستخرج من قانون الصدفة الرياضي ذلك القدر الهائل من (المادة) الذي سنحتاجه لنحدث فيه الحركة اللازمة على الدوام ؛ كما نستطيع أن نتصور شيئا عن المدة السحيقة التي سوف تستغرقها هذه العملية.
لقد حاول رياضي سويسري شهير هو الأستاذ (تشارلز يوجين جواي) أن يستخرج هذه المدة عن طريق الرياضة. . فانتهى في أبحاثه إلى أن (الإمكان المحض) في وقوع الحادث الاتفاقي-الذي من شأنه أن يؤدى إلى خلق كون ، إذا ما توفرت المادة-هو واحد على 60/10 (أي 10×10 مائة وستين مرة). وبعبارة أخرى:نضيف مائة وستين صفرا إلى جانب عشرة! ! وهو عدد هائل وصفه في اللغة.
إن إمكان حدوث الجزيء البروتيني عن (صدفة) يتطلب مادة يزيد مقدارها بليون مرة عن المادة الموجودة الآن في سائر الكون ، حتى يمكن تحريكها وضخها ، وأما المدة التي يمكن ظهور نتيجة ناجحة لهذه العملية فهي أكثر من 243/10 سنة (69)!
إن جزيء البروتين يتكون من (سلاسل) طويلة من الأحماض الأمينيةAmino-Acids وأخطر ما في هذه العملية هو الطريقة التي تختلط بها هذه السلاسل بعضها مع بعض فإنها لو اجتمعت في صورة غير صحيحة سما قاتلا ، بدل أن تصبح موجدة للحياة.
لقد توصل البروفيسور ج. ب. ليتزG.B.Leathes إلى أنه لا يمكن تجميع هذه السلاسل فيما يقرب من 48/10 صورة وطريقة. وهو يقول: إنه من المستحيل تماما أن تجتمع هذه السلاسل-بمحض الصدفة-في صورة مخصوصة من هذه الصور التي لا حصر لها ، حتى يوجد الجزيء البروتيني الذي يحتوى أربعين ألفا من أجزاء العناصر الخمسة التي سبق ذكرها.
ولابد أن يكون واضحا للقارئ أن القول بالإمكان في قانون الصدفة الرياضي لا يعنى أنه لابد من وقوع الحادث الذي ننتظره ، بعد تمام العمليات السابق ذكرها ، في تلك المدة السحيقة ؛ وإنما معناه أن حدوثه في تلك المدة محتمل لا بالضرورة ، فمن الممكن على الجانب الآخر من المسألة ألا يحدث شيء ما بعد تسلسل العملية إلى الأبد! ) الاسلام يتحدى
فهل يمكن تفسير نشوء الكون وفق هذا الفرض المستحيل ووفق ابحاث الاستاذ وحيد الدين خان ونقولاته عن العلماء فإن المادة الموجودة فى الكون لاتكفى لإنتاج هذا الكون وفق قانون الصدفة وكذلك يتعارض الزمن المتوقع مع العمر الحقيقى للكون
فوفق قانون الصدفة نحن بحاجة الى اضعاف مضاعفة من الزمن المعروف للكون
ثم لماذا تهدف الصدفة دائما لإنتاج شئ ذى بال ولماذا نتوقع دائما أن الصدفة تسير الى صالحنا لماذا لا تأتى صدفة اخرى تطيح بكل ماتم تكوينه قبل هذا
... انه من المثير للسخرية أن يعتقد الانسان ان كونه يتكون من بلايين الصدف
لهذا لايمكننى ان اعتقد ان ما يقوله راسل يشكل قيمة علمية ومنطقية
..................................
الجدال حول التصميم
يقول برتراند راسل
(ً أن فرضية التصميم تقتضي أن كل شيء في هذا العالم تم تصميمه من أجل أن نعيش وفقاً له , ولو أن العالم اختلف قليلاً عن صورته الحالية لما استطعنا أن نعيش فيه . هذه هي جدلية التصميم , إنها تكتسي بحلة من الفضول , ولنفترض فرضاً , أن ثمة أرانب تملك ذيولاً بيضاء كي يسهل علينا اصطيادها , لا أعرف كيف ستتصرف الأرانب وفق هذا النظام ؟ إنه أمر يبعث على السخرية . لابد أنكم تعرفون نكتة فولتير , وهو أن الأنف موجود من أجل الرؤية ! إن هذا النوع من الآراء لم يتحول فقط إلى علامة من علامات القرن الثامن عشر , لأنه منذ مجيء داروين بدأنا نفهم بشكل أوضح لماذا تتكيف الكائنات الحية مع بيئاتها . وهذا يعني أن البيئة ليست هي من تكيف نفسها من أجل الكائنات , لأن الكائن هو من يكيف نفسه وينمو مرتبطاً بظروف بيئته , وهذه هي قاعدة التكيف البيئي , ولا يوجد أي دليل على التصميم فيها .

عندما تلقون نظرة إلى فرضية التصميم , ستجدونها الأكثر جذباً لانتباه الناس حيث يؤمنون بها وتكسو عيونهم وتشرح لهم هذا العالم , وبكل تفاصيل هذه الفرضية , بكل زللها وخللها , ستجدونها الأكثر صموداً وشمولية بين الناس لآلاف السنين . إنني بصدق لا أؤمن بهذا . وإذا كنتم متأكدين من أن الله يحيط بهذا الكون ويبدعه ويحاول تجميله لملايين السنين , فلماذا لم ينجب أفضل من جماعة كوكو كلاكس كلان , أو الفاشيون , أو السير وينستون تشرتشل ؟ حقاً إنني لا أشعر بأي جمال في هذا , خصوصاً حين يتقدم أحدهم ويقول لي : " أنظر أي كائن رائع هو أنا , أنا أفضل كائن في الوجود على الإطلاق " . حقاً إنني لا أجد أي شيء مبهر عن جمال هذه الأشياء , فضلاً عن ذلك , إذا قبلتم بالقوانين العلمية المعهودة , فيجب أن تدركوا أن الحياة على سطح هذا الكوكب هي عرضة للموت بشكل حتمي . إن الحياة ومضة في قعرٍ سحيق , أو طور من أطوار الاضمحلال في النظام الشمسي ,
الرد على شبهة برتراند
...............
يستند برتراند هنا الى نظرية داروين ( النشوء والارتقاء) فنحن فى نهاية المطاف من تكيف مع البيئة ولم تصمم البيئة لتناسبنا بل نحن من تم تصميمه وفق التطور
ليكون مناسا للحياة هنا ولكن نظرية دارون مازلت حتى الآن نظرية لايمكن التأكد من صحتها كليا أو جزئيا بل ان انواع الاعتراضات عليها قوية جدا بحيث لا يمكن تجاهلها ودارون نفسه يعترف فى أحد رسائله انه لا يملك الادلة لإثبات النظرية
فيكون تشغيب راسل بالنظرية على قضية التصميم محض تحكم لا غير
ولكن مجرد اعتراف راسل بالتصميم يدحض كل اعتراضه فهذا الكون مصمم ليناسب الحياة أو لتناسبه الحياة وهنا يظهر سؤال : إذا كان التصميم حقيقة ثابته
ألا يدل هذا على حكمة قدرته بهذا الشكل ولماذا لم نجد حياة على الكواكب الاخرى التى عرفناها حتى الآن رغم ان التصميم مختلف فمن المنطقى ان حياة ما توافق هذا
التصميم المختلف لابد أن تكون موجودة لكنها مع الاسف يا مستر برتراند ليست
موجودة
ثم أى تلاعب بالالفاظ يجرنا اليه برتراند مالفارق ان تكون الحياة صنعت لنا لتناسبنا
أو صنعنا نحن لها لنناسبها إن هناك فى النهاية مناسبة ولولا وجود هذه المناسبة
لما أمكننا التواجد ، فلولا ان هذه الحياة ( التصميم) مناسبة للأحياء لما وجدت الحياة
وسيعود السؤال حينئذ ( عن براعة التصميم ) نظريات مستر راسل تعترف بالصدفة
فى التصميم ثم بالصدفة فى تكوين الخلية ثم بالصدفة فى تطورها أن كان ثمة تطور
ثم باستمرار الصدف الى مالانهاية ، لكن مستر راسل لايمكن ان يعترف ان نظرية دارون جاءت بالصدفة فهى حصيلة تفكير وعمل دؤوب كما ان نظريات راسل لم تأتى بالصدفة وإن جاز لنا استخدام قياس مستر راسل فى قانون المسبب فسنقول اذا كانت القاعدة هى الصدفة فلما لم تكن نظرياتكم هى ايضا صدفة لأن هذه هى القاعدة
التى لايجب ان يخرج شئ عنها وهنا سيفرق مستر راسل بين عمل الانسان الواعى
وبين عمل الطبيعة العمياء فعمل الانسان الواعى منسق ليؤدى الى هدف ونتيجة
وهنا سنطلب من مستر راسل ان يعترف بأن التصميم تقوده قوة واعية لأنه ايضا يؤدى الى هدف ونتيجة
....................................
النار الأبدية
بقيت فى استدلالات راسل نقطتان الجدال حول الاخلاق الدينية والجدال حول العدالة
وأراهما بغير قيمة حقيقية ثم بعد ذلك صب راسل جام غضبه على المسيح مع نقولات نقلها من الاناجيل وقد نتفق معه فى بعضها لأننا نرى ان الانجيل الموجود
حاليا قد طاله التحريف لكنه بوجه عام مخطئ فى حق المسيح عليه السلام فتهديد المسيح كفار اسرائيل بالنار الأبدية مثلا هو شئ يمكن قبوله لأن بناء الحياة على رفض رسالة الاخلاق والخالق جريمة تستحق العقاب إن راسل يستبشع العذاب الأبدى لكنه أن يدلنا على وسيلة للعدالة يعاقب بها هتلر مثلا أو جنكيز خان ممن
أبادوا ملايين البشر وزرعوا من لعذاب مايتألم به الجيل بعد الجيل فكيف يمكن
القصاص لألاف الأمهات ممن ذ اقوا مرارت الثكل وحرقة القلب والالم الذى يصاحبهم من رؤية أبن مشوه أو معاق أو مفقود أو مقتول أضف لذلك الأب
والأخوة والأخوات والأصدقاء والزوجات والأبنا ء ، ويستوى فى هذا هتلر
ومن عاونوه ودعموه وانتشوا فرحا بانتصارهم الدموى ، وكيف يمكن عقاب
من تسببوا فى قنبلتى هيروشيما ونجازاكى وكيف نقيس معاناة كل من أبيدوا جراء
ذلك ومن تشوه وكيف نقيس معاناة ذويهم أن هناك ألما رهيبا لا يمكننا تقديره
وفى الاسلام لايعذب جميع الناس بدرجة واحدة بل هناك من يخفف عنه العذاب
تخفيفا كبيرا ومن يأخذ جزاءه كاملا غير منقوص وهناك رأى فى الفقه الإسلامى
يقول بفناء النار وأنها غير أبديه ولكن الراجح هو ابديتها وهو أمر متروك لله فى النهايه مع يقيننا أن الله لايظلم مثقال ذرة
...................................
هل يعتمد الدين على الخوف
لا يعتمد الدين على الخوف فقط فالخوف شعور إنسانى لا يمكن انكاره ولكن الاسلام
يقرر أن العاطفة الدينية الأساسية هى الحب والحب بدوره ينتج عنه شيئين الخوف
والرجاء ولا يمكن ان يكون الشعور الدينى صحيحا وفاعلا إلا بتوفر الثلاثة الذين ينتج عنهم غيرهم من المشاعر كالتوكل والرغبة مثلا ولا يمكن ان يمارس الانسان
حياته إلا بوجود هذه المشاعر فهى من صميم طبيعته فبرتراند راسل نفسه لا يمكن الزعم انه يخلو من مشاعر الخوف الخوف على زوجته وعلى وظيفته وعلى أرائه وتصوراته الخوف على نفسه وهكذا فالزعم ان العقيدة الدينية بوجه عام تقوم على الخوف زعم باطل بل هى تقوم اساسا على الحب ثم يخاف الانسان من فوات ما يحب
ونزول ما يكره ولكن رغم ذلك فالله لم يخلق الخوف ليلوى به اعناق العباد لتحقيق الايمان وإلا لكان راسل من كبار المؤمنين ولكنه رأى فى مسألة نار الجحيم تهديدا وتخويفا وهو ذات الاسلوب الذى يستخدمه راسل مع تلامذته فمن يقصر يستحق
الرسوب وبهذا يستخدم راسل الخوف ومفهوم العقاب ليحرك من لا تحركه عواطف اخرى بصورة ظاهرة وعند لتحليل سنجد ان هذا الاسلوب يعتمد على الحب أن راسل يحب ان ينجح تلامذته لهذا فهو يفعل هذا لمصلحتهم وهم يحبون انفسهم
ولايرغبون فى تحصيل الالم فلذا يعملون ليتجنبوا الالم الذى هددهم به راسل
والله سبحانه وتعالى لا يظلم أحدا عندما يطلب من عبده ان يكون خيرا لمصلحته
ويخبره إن الالم هو ما ينتظره إن لم ينقذ نفسه من الشر
فلهذا أرى أن راسل يبالغ ويهدد المؤمنين بأنهم يخافون لهذا يؤمنون وبهذا هو يخيفهم
من الخوف نفسه ويبعث رسالة ضمنية بأنكم تهدرون حياتكم لأنكم تعتقدون بإله
وهو بذلك يخيفهم مرة أخرى من ضياع حياتهم هدرا إن الحاد راسل يقوم فعلا
على التهديد والخوف وهذا عكس المؤمن المرتقى فى ايمانه لأنه يرى أن الحب
هو مايستحقه الله الخالق والرحمن الرحيم وإنما يقع الخوف ضمنا وتبعا لقضية الحب ذاتها

كتبه : أنور علوانى 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق