السبت، 19 يناير 2019

أبو مسلم الخولاني الداراني - من سادات الزهاد -

أبو مسلم الخولاني الداراني ( ت : 51 فى خلافة معاوية ) ، 


 سيد التابعين وزاهد العصر. اسمه على الاصح: عبد الله بن ثوب ، أسلم فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم باليمن وحضر إلى المدينة فى خلافة الصديق ، وكان سبب خروجه من اليمن أن الأسود بن قيس ( العنسى ) تنبأ باليمن فبعث إلى أبي مسلم الخولاني فقال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: ما أسمع. قال: فتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم. فرددها عليه مرات. فلما رأى أنه لا يجيبه أمر بنار عظيمة فأججت ثم قذف أبا مسلم فيها فلم تضره، فقال له من اتبعه: إن لم تنف هذا عنك أفسد عليك أمر من اتبعك فأمره بالرحيل، فأتى المدينة فأناخ راحلته بباب المسجد، وعمد إلى سارية من سواري المسجد ليصلي إليها، فبصر به عمر، فأقبل إليه فقال: السلام عليك، فقال: وعليك السلام، فقال: من أين أقبلت؟ قال: من اليمن. قال: فما فعل الذي حرقه الكذاب بالنار؟ قال: ذاك عبد الله بن ثوب. قال أنشدك بالله أنت هو! قال: اللهم نعم، فاعتنقه وبكى، وأخذ بيده وانطلق به إلى أبي بكر رضي الله عنه حتى أجلسه فيما بينه وبينه، وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به مثلما فعل بإبراهيم خليل الرحمن فلم تضره النار..  [1]

. وتلقى العلم على عمر، ومعاذ بن جبل، وأبي عبيدة، وأبي ذرالغفاري، وعبادة بن الصامت ، وخرج بعد ذلك الى الشام فسكن الشام بداريا . وعُرف : بقارئ أهل الشام. وكان أبو مسلم يتكلف حضور صلاة الجماعة من داريا إلى المسجد الجامع بدمشق التماس الفضيلة. وبين داريا والمسجد أربعة أميال. وشارك فى الجهاد ضد الروم ، وكان يصوم فى السفر للجهاد فإذا حضر القتال أفطر .  [2] وكان يدخل على معاوية فيقول : " السلام عليك أيها الاجير، فيقول من عند معاويه : مه. فيقول معاوية : دعوه، فهو أعرف بما يقول، وعليك السلام يا أبا مسلم. فيعظه ويحسه على العدل  [3]وتوفى أبو مسلم فى إحدى غزوات الشتاء فى أرض الروم ، فلما مرض فى هذه الغزوة وأيقن بالموت عاده أمير الجيش بسر بن أبي أرطاة فقال له أبو مسلم  اعقد لي على من مات في هذه الغزاة، فإني أرجو أن آتي بهم يوم القيامة على لوائهم " [4]
.
من خصائص زهده
كثرة السجود والعبادة عن شرحبيل: أن رجلين أتيا أبا مسلم في منزله فقال بعض أهله: هو المسجد فأتيا المسجد فوجداه يركع، فانتظرا انصرافه، وأحصيا ركوعه، فأحصى أحدهما أنه ركع ثلاث مئة ركعة، والآخر أربع مئة ركعة قبل أن ينصرف، [5]  قيل لأبي مسلم الخولاني حين كبر: إنك كبرت ورققت، فلو رفقت بنفسك، قال: أليس إذا أرسلت الحلبة فقلت لفرسانها: ارفقوا بها وسددوا بها، فإذا دنوتم من الغاية فلا تستبقوا منها؟ قال: فقد رأيت الغاية فدعوني.
كثرة الذكر ،
كان أبو مسلم يكثر أن يرفع صوته بالتكبير حتى مع الصبيان، وكان يقول: اذكر الله حتى يرى الجاهل أنك مجنون. [6]
وكان ربما ضرب نفسه إذا شعر بتقصيره علق أبو مسلم سوطا في المسجد، فكان يقول: أنا أولى بالسوط من البهائم، فإذا فتر، مشق (ضرب بسرعة) ساقيه سوطا أو سوطين.
كثرة ظهور الكرامات على يديه وقد حفلت بها كتب التراجم
_________________________________________
[1] ابن عساكر : تاريخ دمشق (4/ 137،)
[2] ابن عساكر : تاريخ دمشق (4/ 138)
[3] الذهبى : سير أعلام النبلاء (4/ 13)
[4] المصدر السابق  (4/ 13)
[5] ابن عساكر  تاريخ دمشق (4/ 138،)
[6] المصدر السابق  (4/ 138)